شؤون سياسية

واشنطن تطالب الدوحة بطرد قادة حماس بسبب الاسرى

في خطوة تعكس تصاعد التوترات الإقليمية تغييرا محتملاً في التوازنات السياسية بالمنطقة، طالبت الولايات المتحدة قطر بطرد قادة حركة حماس من الدوحة. وتأتي هذه المطالبة بعد أن رفضت الحركة عدة مقترحات اميركية لتبادل الرهائن في غزة، وهو ما دفع واشنطن إلى اعتبار تواجد حماس في العاصمة القطرية غير مقبول في الوقت الحالي، وفقاً لتصريحات من مسؤول كبير في الإدارة الأمريكية .

وتلعب قطر دورا محوريا في الجهود الدولية، بجانب الولايات المتحدة ومصر، للوساطة في الأزمة المتفاقمة منذ اندلاع الصراع الأخير في غزة. إلا أن جهودها لم تفلح حتى الآن في التوصل إلى حل دائم، خاصة بعد رفض حماس في أكتوبر الماضي اقتراح وقف إطلاق نار قصير الأمد بهدف تسهيل مفاوضات متواصلة لبحث حلول للأزمة الإنسانية وأزمة الرهائن في القطاع

ووفقا لتصريحات نقلتها صحيفة تايمز أوف إسرائيل عن مسؤول أمريكي، يبدو أن رفض حماس للمبادرات الأخيرة وتورطها في إعدام الرهائن، من بينهم الأمريكي الإسرائيلي هيرش غولدبرغ بولين، قد دفع واشنطن إلى الضغط على الدوحة لمطالبة قادة الحركة بالمغادرة. وقد أبلغت قطر بدورها قادة حماس بهذا القرار منذ نحو عشرة أيام، بحسب المسؤول الأمريكي، لكن مصادر داخل حماس نفت تلقي أي إخطار رسمي من قطر بهذا الشأن، في حين لم يصدر رد من الخارجية القطرية حول الأمر.

ما زالت نتائج هذه المطالب الأمريكية غير واضحة فيما يتعلق بمدى استجابة قطر وما إذا كانت قد منحت حماس مهلة محددة لمغادرة أراضيها. وقد جاءت هذه الخطوة بعد سلسلة من المبادرات الفاشلة للتوصل إلى هدنة طويلة الأمد، كان آخرها اقتراح بوساطة قطرية وأمريكية يتضمن وقف إطلاق النار لمدة 30 يوماً، تزامناً مع الإفراج عن عدد من الرهائن تدريجيًا مقابل إطلاق سراح عدد من السجناء الفلسطينيين. هذا المقترح، الذي أوردته صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية، يهدف إلى تحقيق تقدم في الأزمة الإنسانية في غزة، وإعادة بناء الثقة بين الأطراف المعنية.

 إعادة تقييم

مع تصاعد الضغط الأمريكي، يسعى مسؤولون قطريون إلى إعادة تقييم موقف بلادهم، خاصةً بعد الهجوم الكبير الذي شنته حماس في السابع من أكتوبر، أسفر عن مقتل نحو 1200 إسرائيلي واحتجاز 250 رهينة، وفقاً لإحصاءات إسرائيلية. هذه الحادثة دفعت وزير الخارجية الأمريكية أنتوني بلينكن إلى إرسال رسائل حازمة للقادة القطريين بضرورة اتخاذ إجراءات حاسمة تجاه حركة حماس وعدم السماح للأمور بأن تستمر كالمعتاد.

ومن الواضح أن سياسة الرئيس الأمريكي جو بايدن قد اتخذت منحى أكثر تشددا تجاه حماس، حيث سعت إدارته إلى تحقيق هدنة إنسانية وإعادة الاستقرار في غزة، لكن انتخاب دونالد ترامب رئيسًا جديدا قد يقلل من نفوذ واشنطن ويزيد من صعوبة تحقيق انفراجه قبل رحيل بايدن من السلطة. وعلى الرغم من التحذيرات الأميركية المتكررة، يواجه الدور القطري في استضافة المكتب السياسي لحماس تحديات حقيقية، حيث كان هذا المكتب موجودا منذ العام 2012 بعد انتقاله من دمشق بسبب الحرب الأهلية السورية، وساهم في توفير قناة اتصال للولايات المتحدة مع حماس.

وتعد قطر لاعبا دبلوماسيا رئيسيا في المنطقة، حيث يصف المسؤولون القطريون استضافة حماس بأنها وسيلة ضرورية لتسهيل الحوار، مؤكدين أنها ستظل تستضيف المكتب السياسي للحركة طالما كان هذا التواصل مفيدا. وقال رئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني عدة مرات في العام الماضي إن بقاء المكتب السياسي لحماس يعتمد على دوره في تسهيل التفاوض حول قضايا حيوية في المنطقة.

في السياق نفسه، يواجه بعض القادة القطريين ضغوطا من مشرعين أمريكيين للتخلي عن دعمهم لحماس، حيث طلب أربعة عشر عضوا جمهوريا في مجلس الشيوخ من وزارة الخارجية الأمريكية اتخاذ إجراءات تشمل تجميد أصول قادة حماس المقيمين في قطر وتسليمهم. وتعرضت الدوحة مرارًا لانتقادات من بعض السياسيين الأمريكيين بسبب استضافتها للمسؤولين الرئيسيين في حماس، الذين ينظر إليهم على أنهم قيادات بديلة محتملة لرئيس المكتب السياسي للحركة يحيى السنوار، الذي قتل في غارة إسرائيلية على غزة الشهر الماضي.

الشروط الإسرائيلية

من جانبها، أشارت تقارير إعلامية إلى أن جولات المحادثات السابقة فشلت بسبب خلافات تتعلق بالشروط الإسرائيلية حول الوضع العسكري المستقبلي في غزة. وعلى الرغم من قبول حماس لأحد مقترحات وقف إطلاق النار في مايو، إلا أن الخلافات المستمرة على الشروط منعت التوصل إلى أي اتفاق دائم، أحبطت جهود التوصل إلى هدنة طويلة الأمد.

وفي نوفمبر الماضي، أدت إحدى جولات المفاوضات في الدوحة إلى هدنة قصيرة مدتها سبعة أيام، تم خلالها الإفراج عن عشرات الرهائن وإدخال مساعدات إنسانية عاجلة إلى غزة. لكن القتال استؤنفت سريعًا بعد انتهاء الهدنة، واستمرت المواجهات منذ ذلك الحين، في ظل تصعيد عسكري إسرائيلي أدى إلى مقتل أكثر من 43 ألف فلسطيني وتدمير واسع النطاق في القطاع.

ويبدو أن الجهود الأمريكية والقطرية لتحقيق تهدئة في غزة تواجه تحديات كبيرة، خاصةً مع تزايد المطالب بطرد حماس من الدوحة. وبينما يعبر القادة القطريون عن استعدادهم لإعادة النظر في موقفهم، فإن الأزمة المتفاقمة في غزة وانهيار المفاوضات المتتالية تظل عقبة كبرى أمام استقرار طويل الأمد في المنطقة، وقد تترك الباب مفتوحا لمزيد من التوترات والتحديات التي قد تلقي بظلالها على العلاقات الدولية مستقبلاً.

📎 رابط مختصر للمقال: https://www.baladnews.com/?p=5653

موضوعات ذات صلة

لبنان على شفير الفتنة الطائفية بسب الفارين من الحرب

المحرر

عودة طلاس تشعل التكهنات حول مستقبل سوريا

المحرر

الدب الروسي في قلب أمريكا… قمة تكشف حدود القوة

المحرر

جنون الحرب .. الانتحار والقتل نهايات متباينة

المحرر

وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله وتأثيراته المستقبلية

المحرر

عائد من الموت ومرشح للخلافة

المحرر