شؤون سياسية

جنون الحرب .. الانتحار والقتل نهايات متباينة

الحرب التي اندلعت في السابع من أكتوبر العام الماضي لم تشبه أيًا من الحروب السابقة التي خاضتها حركة حماس. فقد كانت إسرائيل في حالة ذهول من الاختراق الأمني الذي عرّاها أمام العالم، لتبدأ في تحرك سريع بهدف استعادة هيبتها. بدا المشهد أشبه بمسار إجباري لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي وجد في العنف المفرط طريقا لإثبات قوته، حتى لو وصلت الأمور إلى حدود الإبادة الجماعية.

المستشار يونس السبكي، الخبير الأمني والاستراتيجي الملقب بـالشهيد الحي”، يوضح أن: “المفاجأة لم تكن فقط في توقيت الهجوم، بل في الأسلوب الذي تبنته حماس، والذي دفع إسرائيل إلى اتخاذ ردود فعل هستيرية لتدارك الخلل في منظومتها الأمنية

انقسام القيادة

قيادة حماس الداخلية، بقيادة يحيى السنوار، أعلنت الحرب وبدأت العمليات المسلحة في غزة، فيما تباينت الأدوار مع قيادة الخارج بقيادة إسماعيل هنية، المقيمة في قطر. وبينما كانت القرارات تدار تحت إشراف إيران، تساءل البعض عن مدى التنسيق الحقيقي بين القيادتين.

يرى الدكتور أحمد رفيق عوض، رئيس مركز القدس للدراسات، أن هناك “احتمالية أن يكون السنوار قد اتخذ قرار الحرب منفردا، يفاجئ بذلك قيادته السياسية في الخارج وحتى الجانب الإيراني، الذي لم يكن مستعدا للتورط بشكل كامل في صراع بهذه الحدة

نهايات متباينة

السنوار، الذي أطلق شرارة الحرب، انتهى به المطاف ضمن ضحاياها. أما هنية، الذي لقي حتفه خارج غزة، فقد رحل دون أن يخضع لأي مساءلة عن مسؤولياته، وكأنه كان واثقا من أن إيران تملك إجابات أكثر مما يعرف هو عن تعقيدات التنظيم.

يقول السبكي: المسافة بين السنوار وهنية لم تكن جغرافية فقط، بل كانت فارقا بين قرار انتحاري على أرض غزة وموت بأيدي العدو خارجها”.

 إسرائيل تستغل المأساة لتبرير إبادة جماعية مع وقوع أكثر من ألف قتيل إسرائيلي وخطف عدد من المدنيين، بدأت إسرائيل حملة عسكرية غير مسبوقة، معتبرة أن ردها مبرر لاستعادة هيبتها. وللمرة الأولى، اصطف الغرب بشكل شبه كامل إلى جانب إسرائيل، رغم الأصوات التي دعت إلى كبح جماح نتنياهو وإيقاف ما وصفته بـ”إبادة منظمة.

ما فعلته إسرائيل”، وفقًا للدكتور عوض، “كان استغلال للحظة الهجوم لإطلاق حرب إبادة بحق الفلسطينيين، وسط دعم غربي غير مسبوق، ما جعل من إمكانية التفاوض لإنهاء النزاع أكثر تعقيدا”.

إشكالية الاعتراف

إحدى التحديات الكبرى التي واجهت مسار الحرب هي أن حماس لا تحظى باعتراف دولي كممثل شرعي للشعب الفلسطيني. يقول السبكي: “لا يمكن فرض حماس سياسيا، لأنها تعتبر تنظيما إرهابيا في العديد من الدول ذات التأثير، وهو ما جعل الحرب انتحار سياسيا إلى جانب ما تسببت فيه من خسائر بشرية هائلة ، إن إصرار حماس على مواجهة إسرائيل، دون اعتبار للموقف الدولي الرافض لها، عمق الأزمة أفقد الفلسطينيين أي تعاطف دولي كان يمكن أن تستثمر في دعم قضيتهم.

إيران وحسابات الخسارة والربح

من جانبها، لعبت إيران دورا خلف الكواليس، لكنها تجنبت الدخول المباشر في الصراع. وعلى الرغم من دعمها لحماس وحزب الله، فإنها أدركت أن الانخراط المباشر قد يكلّفها كثيرًا.

لا يحتاج نتنياهو إلى اعتراف رسمي بالنصر”، يقول السبكي، “فحجم الدمار في غزة يكفي لإعلان أن المجازر حققت أهدافها ، ولا يبدو أن هذا الجنون الذي بدأ في أكتوبر قد انتهى. الحرب خلفت وراءها جرحا عميقا سيستمر في النزيف، وسط غياب أي أفق سياسي واضح للحل، فيما يظل الفلسطينيون وحدهم من يدفع الثمن الأكبر، في ظل صراعات أكبر منهم ومن قضيتهم.

📎 رابط مختصر للمقال: https://www.baladnews.com/?p=5684

موضوعات ذات صلة

انسحاب سوريا من باريس يربك جهود التسوية

المحرر

تصعيد ملف الرهائن: ورقة ضغط أم مسار لحل الأزمة

المحرر

حاضر ومستقبل حماس في ظل تصاعد التحديات

المحرر

تصريحات القائد العسكري لهيئة تحرير الشام هل تنجح

المحرر

طهران تغازل واشنطن التفتيش مقابل التفاهم

المحرر

غارة نوعية تعصف بالحوثيين وتربك المشهد اليمني

المحرر