البلد خانة

علماء نفس يحللون واقعة فيديو طبيبة كفر الدوار

أثار فيديو الطبيبة وسام شعيب، طبيبة النساء والتوليد، الذي تكشف فيه عن أسرار لثلاث مريضات ترددن على مستشفى كفر الدوار الذي تعمل به، وتحمل في مجملها طابع العلاقات غير الشرعية، وقيامها بتعميم تلك الحالات الفردية إلى حد اتهام غالبية بنات ونساء مصر باتهامات غير أخلاقية، جدلًا على مواقع التواصل الاجتماعي.  

واتفق علماء النفس على عدم مهنية الطبيبة التي اخترقت ميثاق الشرف الطبي بانتهاك خصوصية المرضى وإفشاء الأسرار، بالإضافة إلى تحريض الأهالي ضد بناتهم بشكل قد يؤدي إلى المزيد من التفكك والعنف الأسري، بدلًا من حل المشكلات بطرق علمية وسوية. ويرجع ذلك إلى أن التنشئة في بيئة لا تعرف مفهوم الخصوصية وتعتريها آفة نقل الكلام وانعدام الستر، ويُباح فيها التحدث في كل شيء دون حياء، هو أمر ينتج عنه فكر ضحل وقاصر ومعتدي، مطالبين بضرورة بإجراء كشف دوري مستمر على الأطباء أنفسهم، يتضمن فحص المخدرات والتأكد من السلامة من الأمراض العقلية والنفسية.

الدكتور وليد هندي

رسالة الطبيب
بدايةً.. قال الدكتور وليد هندي، استشاري الصحة النفسية: إن بعض المهن، وعلى رأسها مهنة الطب، ليست مجرد وظيفة وإنما هي رسالة، موضحًا أنه لابد للطبيب من التمتع بسمات شخصية وروحية ووجدانية معينة مثل الأخلاق الحسنة، والاتزان النفسي، والثبات الانفعالي، والرجاحة العقلية والفكرية، فضلًا عن التميز بالإنسانيات. وأكد أن هناك ميثاق شرف أخلاقي يجب الحفاظ عليه لمن يمتهن هذه المهنة، مثل الحفاظ على أسرار المرضى، وتقبلهم، والحفاظ على السرية، وتكوين علاقة مهنية تُبنى على الاحترام المتبادل.

وأوضح أن هذه المباديء متعارف عليها في ميثاق شرف أخلاقي غير مكتوب بين الأطباء، موضحًا أن تخصصات بعينها مثل طب النساء والتوليد والجلدية، وكذلك الأخصائيين النفسيين، تتعمق فيها الأخلاقيات في التعامل مع المريض وتزداد فيها مسؤولية الطبيب تجاه مرضاه.

وأكد أن الطبيبة المُشار إليها مارست اختراقات مهنية واضحة، مُبينًا أن أسلوب الإلقاء ونبرة الصوت والألفاظ التي استخدمتها الطبيبة تدل على انتمائها إلى بيئة من مستوى اجتماعي معين، لافتًا إلى أن مثل تلك البيئات لا تعرف مفهوم الخصوصية وتعتريها آفة نقل الكلام وانعدام الستر، وإباحة الكلام في كل شيء دون حياء أو خجل، وأن ذلك الأسلوب لا يرتقي لمهنة الطب.

وأشار هندي إلى أن بعض النقابات تُجرم تعامل من ينتمي إليها مع السوشيال ميديا، مطالبًا بانسحاب ذلك على مهنة الطب، فملائكة الرحمة لا تهتك عرض مرضاها، بل يجب أن تتحلى بصفات تسمو على البشر، مؤكدًا أن الأمور لو تُركت على ما هي عليه دون رقابة، فقد نسمع قريبًا عما هو أسوء.

كشف دوري على الأطباء
وطالب استشاري الصحة النفسية بإجراء كشف دوري مستمر على الأطباء أنفسهم، يتضمن فحص المخدرات والتأكد من السلامة من الأمراض العقلية والنفسية، اليت يمكن أن يُاب بها البعض منهم، مثل هوس الشهرة وجنون العظمة، والتنظير، مطالبًا النقابات بممارسة دورها من الإشراف والمتابعة بشكل متطور وفقًا لمتطورات العصر.

وكشف عن أن البعض يلجأ للسوشيال ميديا للاستعراض وسباق للترند، وإن كان ذلك على حساب المصداقية وعن طريق اللجوء للحيل النفسية، لافتًا إلى أن أنماط معينة من الشخصيات تلجأ لتحقيق الترند أكثر من غيرها، مثل الشخصيات الهستيرية والبارانويا والمتمردة، فضلًا عن عوامل أخرى مثل الفراغ النفسي والعاطفي، وافتقاد الدفء الأسري، بالإضافة إلى أن الدعم المجتمعي للترندات يعزز من الظاهرة.

وأوضح أن التجاهل لأي شيء خارج السياق هو الحل الأفضل، وأن ما تحدثت عنه ليس ظاهرة فجة، مشيرًا إلى أن التعامل السوي مع مشكلات المراهقة يكمن في التربية السليمة منذ الصغر، بأن يكون لدى الآباء ثقة في ذواتهم تمكنهم من دعم الأبناء، والوقوف في ظهرهم ومساعدتهم في بناء ذواتهم، مؤكدًا أن ذلك هو الحصن الأكبر لهم. 

محمد أبو زيد

تفشي العنف الأسري
ومن ناحيته، أضاف محمد أبو زيد، أخصائي علم النفس السلوكي الجدلي، أن فيديو الطبيبة قد يثير قلق وشكوك الأمهات ويلعب على مخاوفهم، مما قد يؤدي إلى تفشي العنف، والتفكك الأسري، والمزيد من المشاكل الأسرية بلا داعي حقيقي، مستنكرًا عدم مراعاة الطبيبة لشعور الآخرين. وأضاف أنه من الممكن أن يثير كلام الطبيبة الشبهات حول إحدى مرضاها، أو حتى يؤذي نفسيات أصحاب الحالات التي ذكرتها أنفسهم، وقد تكون منهن من قررت التوبة، فيسيئها ذكرها على هذا النحو. 

وبين أن مطالبتها بالتربية “بالضرب بالشبشب”، وجملة “كل واحد عنده بنت قاعد خايف مستني الفضيحة”، لا تصدر إلا عن شخص تعرض لكبت وتحكم وضرب في الصغر، كما أنها اعترفت بنفسها بتعرضها للضرب في الصغر، موضحًا أن ذلك من شأنه أن يؤثر على أي إنسان ويحرمه من التصرف السوي مع المشكلات، مؤكدًا أن دور الطبيب هو فقط العلاج الطبي، أما الإصلاح والتوجيه فهو دور علماء الدين والنفس. 

وأشار إلى أن عدم تعاطف الطبيبة مع الأم وعدم محاولة إسعافها بعد تعرضها للإغماء يؤكد التعرض للأذى في الصغر، مما ينشيء فكر مشوه عن أن الضعفاء يستحقون العقاب، في حين أن التصرف السوي هو الشد من أزرها ومحاولة تقويتها وطمأنتها بالكلام والإشارة إلى رحمة الله وأنه تعالى غفور رحيم، ومحاولة إفاقتها، ولكن تركها ينم عن وجود اضطرابات.

التربية السوية
وأوصى أبو زيد بضرورة التربية السوية السليمة منذ الصغر، مبينًا أن التواصل بين الأم والأولاد وتحقيق الدفء والأمان عبر النمط الحازم في التربية هو حجر الأساس، دون تسلط أو إهمال أو تساهل. فعند حدوث مشكلة ما لدى الابن أو الابنة يجب على الأم والأب احتضان أبنائهم وطمأنتهم بأنهم لديهم سند قوي، ومن ثم يتم حل المشكلة، ثم يتم وضع القواعد والقوانين، بعد بناء أرضية من التواصل والإحساس بالأمان والدفء الأسري.

يُذكر أن الأجهزة الأمنية قد ألقت القبض على الطبيبة وسام شُعيب، على خلفية ظهورها في مقطع فيديو تفشي فيه أسرار عدد من مرضاها، وتتهم بنات ونساء مصر بالانحلال الأخلاقي، ويتم حاليًا التحقيق معها بتهمة نشر أخبار كاذبة وتكدير السلم العام، في مقر النيابة العامة.

كما أكدت النقابة العامة للأطباء، أنها أحالت الشكاوى المقدمة ضد الطبيبة، إلى لجنة آداب المهنة للتحقيق فيها، مشددة على استنكارها لأي أفعال فردية، من شأنها الإساءة للمريض والمهنة معًا.

📎 رابط مختصر للمقال: https://www.baladnews.com/?p=5699

موضوعات ذات صلة

تنفيذ المحور التنموي الجديد بين أسيوط والبحر الأحمر

المحرر

انطلاق حملة التوعية بمقاومة مضادات الميكروبات بأسيوط

أحمد الفاروقى

شبكات غش الأعلاف 59 طنًا فاسدًا

المحرر

دار أوبرا أسيوط خطوة ثقافية تعيد إحياء الفنون في الصعيد

أحمد الفاروقى

طبيبة كفر الدوار بين النصيحة الأخلاقية ومطرقة القانون

المحرر

مشروع حيّنا قنا يحقق تقدمًا في تطوير المناطق الحضرية

أحمد الفاروقى