سليدرمنوعات

براءة تحت التهديد

يكاد لا يمر يوم دون أن تهتز وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي يومياً بقضايا مروعة تتعلق بالاعتداء الجنسي على الأطفال، أو ما يُعرف طبياً ونفسياً بـ”البيدوفيليا”، هذه الظاهرة التي طالما اعتُبرت من “التابوهات” المسكوت عنها في مجتمعاتنا، قد تحولت اليوم إلى قضية رأي عام مُلِحَّة تتطلب نقاشاً صريحاً ومواجهة قانونية ونفسية شاملة وحاسمة، بعيداً عن الصمت والتستر؛ فلم يكد المجتمع يفيق من صدمة حتى تباغته أخرى، فواقعة هتك عرض عدد من الأطفال الأبرياء في إحدى المدارس الدولية البارزة لم تكن مجرد حادثة عابرة يمكن طيها في سجل القضايا اليومية، بل كانت بمثابة ناقوس خطرٍ أيقظ الرأي العام على حقيقة مؤلمة.
إن وجود الميول المرضية يختلف عن ترجمتها إلى أفعال إجرامية. وفي كلتا الحالتين، يعتبر المجتمع والقانون أن أي فعل يمس براءة الطفل هو جريمة بشعة تستوجب إنزال أشد العقوبات بالجاني، وهو ما ننتظره في قضية المدرسة الدولية وغيرها من القضايا المشابهة.

“البيدوفيليا”
يقول دكتور جمال فرويز، استشاري الطب النفسي، إن آفة “البيدوفيليا” (Pedophilia) ليست ظاهرة بعيدة أو محصورة في بيئات معينة، بل قد تتسلل إلى أكثر الأماكن التي يفترض أن تكون آمنة لأطفالنا، إذ إن الفاجعة التي وقعت مؤخرًا داخل إحدى المدارس الدولية، والتي هزت وجدان المجتمع بأكمله، ليست مجرد سلوك منحرف عابر، بل هي اضطراب نفسي مُصنَّف ضمن اضطرابات “البرافيلية” (Paraphilias)، حيث يتميز هذا الاضطراب بوجود انجذاب جنسي قوي ومستمر نحو الأطفال (عادة ما يكونون في سن ما قبل البلوغ)، إذ يتطلب التشخيص النفسي الدقيق استمرار هذا الانجذاب لستة أشهر على الأقل، وأن يتسبب في ضيق نفسي أو ضعف وظيفي للشخص المصاب، أو أن يكون قد ترجم إلى سلوك فعلي.
الدعم النفسي والعلاجي
ويضيف استشاري الطب النفسي: يتجاوز تأثير الاعتداء الجنسي على الأطفال الأذى الجسدي الفوري، ليخلف ندوباً نفسية عميقة ومستدامة؛ فغالباً ما يعاني الضحايا من اضطرابات ما بعد الصدمة (PTSD)، والاكتئاب المزمن، والقلق الشديد، ومشاكل جمة في بناء علاقات صحية وآمنة في المستقبل، حيث إن مثل هذه الجرائم لا تدمر مستقبل الضحية فحسب، بل تمتد آثارها السلبية لتطال كيان العائلة والمجتمع بأكمله.
وتابع “فرويز”: يجب توفير الدعم النفسي المتخصص للضحايا لمساعدتهم على التعافي من الصدمة، وكذلك للمصابين بالاضطراب أنفسهم (طالما لم يرتكبوا فعلاً إجرامياً بعد) لمنع تحول الميول إلى أفعال، مع التأكيد على أن العلاج لا يُعفيهم من المسؤولية الجنائية إذا ما ارتكبوا جرائم فعلية.
الوقاية والتوعية
وأكمل استشاري الطب النفسي: يقع على عاتق الأهل، والمؤسسات التعليمية، والمجتمع المدني دور حيوي في توعية الأطفال حول كيفية حماية أجسادهم، وتعليمهم مهارات الرفض القاطع (قول “لا”)، وتشجيعهم على الإبلاغ الفوري عن أي سلوك يثير قلقهم لشخص بالغ موثوق به.
وأكد “فرويز” أن حماية براءة الطفولة ليست مسؤولية فردية عابرة، بل هي معركة مجتمعية وقانونية ونفسية جماعية مستمرة، لافتًا إلى أن الصمت لم يعد خياراً مقبولاً، والشفافية والتوعية هما السلاح الأقوى في مواجهة هذا الشبح الذي يهدد أثمن ما نملك؛ ألا وهم أطفالنا.
وأختتم “فرويز”؛ حديثه؛ قائلاً: لابد من تنفيذ مبدأ الوقاية والعقاب من أجل مكافحة هذه الآفة المتجذرة، وذلك خلال تضافر الجهود على مستويات عدة، فهناك العديد من الدول حول العالم التي بدأت بتشديد قوانينها لمكافحة التحرش والاستغلال الجنسي للأطفال، مع فرض عقوبات صارمة تصل إلى السجن المؤبد أو الإعدام في بعض الحالات، إذ إن هناك حاجة ماسة للتطبيق الصارم لهذه القوانين دون أي تهاون أو تساهل.

📎 رابط مختصر للمقال: https://www.baladnews.com/?p=7925

موضوعات ذات صلة

المتحف القومي يحتفل بأعياد الميلاد بمعرض الفن القبطي

المحرر

ارتفاع الصادرات الزراعية لـ 7.8 مليون طن

المحرر

دير الأنبا بولا ضمن جدول زيارات السائحين

المحرر

قبل التجديد النصفي.. محمد عبد الله يشيد بمسيرة نقابة الموسيقيين

المحرر

البابا تواضروس يُشارك في تطيب رفات بطل مجمع نيقية

حازم رفعت

مصر تفقد قامة ثقافية.. وداعًا محمد صابر عرب

أيمن مصطفى