
في ليلة عيد السيدة العذراء مريم، تحولت طريق العودة إلى جحيم مسلح، حيث نادى مسلحون أسماءً من قائمة مدبرة مسبقًا، ليُختطفوا ويُقتلوا كاهنان من الكنيسة الأرثوذكسية الإثيوبية في إقليم هورو غودرو وولغا.
الحادثة المأساوية، التي وقعت يوم أمس، هزت الأوساط الكنسية وأثارت غضبًا شعبيًا واسعًا، مع مطالبات حادة بكشف الحقيقة ومحاسبة الجناة. يُعد استشهاد القس دساليني ناموصسا والقس دوغوما ضوفا جرحًا عميقًا في جسد الكنيسة، يعيد إلى الأذهان توترات المنطقة ومعاناة رجال الدين في وجه الإرهاب المنظم.
تفاصيل الهجوم المرعب
كان الاحتفال بالعيد السنوي لكنيسة السيدة العذراء مريم صهيون في مدينة هاراتو، بمقاطعة جِمّا غَنّاتي، قد انتهى بسلام، لكن الطريق إلى شمبورا تحول إلى كابوس، حوالي الساعة التاسعة مساءً يوم أمس الخميس، أوقف مسلحون سيارة تحمل عشرين شخصًا من قادة الكنيسة ورجال الدين، قرب مدخل المدينة، حمل المسلحون أسلحة ثقيلة، بما في ذلك بنادق قنص، وأغلقوا الطريق تمامًا، قبل أن يصعدوا بعشرة من الركاب إلى الجبل القريب، تاركين الباقين يفرون إلى الحقول المجاورة، لم يكن الهجوم عشوائيًا؛ فقد كانوا يحملون قائمة أسماء محددة، ينادونها واحدًا تلو الآخر، ويُطلقون سراح من لم يكن فيها، مما يشير إلى تخطيط دقيق وهدف كنسي واضح.
شهادات الناجين
روى أحد رجال الدين الذين نجوا، في شهادة مرتجفة، تفاصيل اللحظات الأخيرة: “كنا في طريق العودة بعد البرنامج الروحي، فأوقفنا المسلحون فجأة، أخذوا عشرة منا إلى الجبل، وبدأوا يتحققون من الأسماء، قالوا لمن لم يكن مطلوبًا: اذهب. في النهاية، اقتادوا أربعة، بينهم كهنة ومرتل”.
أكد كاهن آخر، رفض ذكر اسمه لأسباب أمنية، أن الجريمة مدبرة داخليًا حتى عند محاولة الأقارب التواصل، كان الرد قاطعًا: “لن نُفرج عنهم، ولن نُسلم الجثامين، الذي خطط يقيم في المدينة نفسها”.
وشدد الناجون أن الضحايا كانوا “كهنة سلام ومصالحة”، من أبناء المنطقة وقومية الأورومو، بعيدين عن السياسة أو الجماعات المسلحة، مما يثير تساؤلات حول الدافع الديني أو الطائفي.
الاستشهاد وحُزن يعُم الكنائس
بعد أيام من الاحتجاز، أُفرج عن اثنين من الأربعة المختطفين مساء أمس، لكن الخبر المأساوي جاء صباح اليوم الجمعة، استشهاد القس دساليني ناموصسا والقس دوغوما ضوفا.
عم الحزن الكنائس في الإقليم، حيث أُقيمت صلوات حداد خاصة، لكن العائلات تواجه صعوبة في استلام الجثامين، إذ رفض المسلحون تسليمها حتى الآن، مما يمنع إقامة مراسم الدفن.
قال مصدر كنسي إن من خدموا الكنيسة سبعة أشهر بلا أجر، بنوا بيوتًا لها، وهم الآن في الحفر، هذا الاستشهاد ليس الأول؛ فقد أشارت بلدية شمبورا إلى حوادث مشابهة أودت بحياة آخرين على يد جماعات مسلحة غير نظامية، في سياق توترات داخل قطاع التبشير الكنسي.
مطالب بالحقيقة
أثارت الجريمة موجة من الغضب في الأوساط الكنسية والشعبية، مع مطالبات عاجلة بتحقيق مستقل لكشف الجناة ومحاسبتهم.
أصدر قداسة أبونا نيقوديموس، مطران أقاليم هرر الشرقية وولغا الشرقية وهورو غودرو وولغا، بيان تعزية مؤثرًا قال فيها: “خدمتم الكنيسة سبعة أشهر بلا أجر… بنيتم بيوتًا للكنيسة، أما أنتم فسقطتم في الحفر”.
وفي بيان رسمي، عبرت بلدية شمبورا عن حزنها، مشددة على الحاجة إلى أمن أفضل في المنطقة.
تبقى الكنيسة متمسكة برسالتها في السلام والصلاة، مقدمة شهداءها قربان محبة، ومؤكدة أن نور الحق لا يُطفأ، ولو أظلم الطريق، وأن هذا الحدث يُعيد إلى الواجهة معاناة المؤمنين في مناطق النزاع، مطالبًا بحماية فورية لرجال الدين.
