ثقافة وأدب

أحمد مستجير.. أديب متنكر في صورة عالم

 كيف تشكل العالم الكبير الدكتور أحمد مستجير شخصية معرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته الجديدة؟ سؤال مهم تبارى عدد كبير من رجال الفكر والثقافة والعلوم في سبيل الإجابة عنه، وذلك في واحدة من أهم الندوات التي استضافتها القاعة الرئيسية للمعرض. وأشاد المشاركون في الندوة بإنجازات الدكتور أحمد مستجير في مختلف مجالات العلوم والأدب والثقافة، ووصفوه بأنه “الأديب المتنكر في صورة العالم”. وكشفت ابنته “سلمى” عن الكثير من سماته الإنسانية وصفاته الأبوية.

الدكتور أحمد رجب، نائب رئيس جامعة القاهرة الأسبق لشئون التعليم والطلاب عميد كلية الآثار الأسبق، أكد أن مصر دائمًا ولادة، فيها علماء عظماء، ويجب التذكير بهم دائمًا. وقال: نحن لا ننساهم، ونعيش بعلمهم وثقافتهم، حياة الإنسان قصيرة جدًا، والإنسان لا يقاس بما أحرز من سنوات ولكن بما أحرز من علم يبنى عليه.

 

وأشار الدكتور رجب إلى أن العالم الحقيقي يقاس بخمس نقاط، جميعها مستوفاة عند الدكتور أحمد مستجير، وأولها أن يكون العالم موسوعيا؛ لأنه لا يوجد علم منقطع عن باقي العلوم؛ فيحب أن يكون ملما بكل شيء، فهي عادة علمائنا القدامى، مثل: ابن سينا، فهي تصنع الإنسان، وهي تراكمات من كل التخصصات، وهذا ما يطبق الآن في النظام الحديث في كل مواد التخصص ومنشقة منها مواد مساندة، ومنها مواد حرة، يعني متخصص في الطب ويدرس موسيقى؛ ولذا على العالم أن يكون موسوعيا، وهي متوفرة في أحمد مستجير، فهو له أبحاث في الأدب والشعر والفلسفة والزراعة.

 

تقديم العلم فى قالب أدبي

وأضاف أن النقطة الثانية هي “الجانب العملي الميداني” فلا يعتمد على الكتب فقط، فهو اعتمد على التجربة والجانب العملي، وأدى دوره بنجاح باهر، وكان مستجير يكتشف الإنسان. والنقطة الثالثة هي “الاعتماد على الإنسان وما فيه فائدة للإنسان”، بمعنى هل سيؤدي الاكتشاف إلى إفادة الإنسان؟ وبالنسبة للرابعة فهي “الترجمة” فلولاها لم تصبح الحضارة اليونانية بهذه القوة، وكذلك العربية والإسلامية. أما النقطة الخامسة فهي “تقديم العلم فى قالب أدبي جميل”، فمستجير أحسن استغلال الأشياء، فقد كان عضوًا في مجمع اللغة العربية.

 

وعن ذكرياته مع الدكتور أحمد مستجير، قال الدكتور سعد نصار، أستاذ الاقتصاد الزراعي بجامعة القاهرة: كنا نجتمع بشكل دوري فى الكلية، وكنا نحرص على زيارته قبل سفره في الصيف حيث يعود بعد شهر أو شهرين بكتاب مترجم، وأمهات الكتب التي تحتاج إلى ترجمة، وفي 2006 ذهبنا ولم نكن نعلم أننا نودعه وعاد بعدها بجسمانه الطاهر.

واضاف أن مستجير هو عالم الزراعة وعميدها والمؤلف والمترجم والشاعر والمثقف المهموم بقضايا وطنه، صاحب مدرسة علمية متميزة وتخرج على يديه طلبة البكالوريوس والماجستير والدكتوراه، ألّف في التحسين الوراثي للحيوان، والنواحي التطبيقية في تحسين الدواجن، ورائد علوم البايوتكنولوجي، كما أنه أثرى المكتبة العربية بأمهات الكتب المترجمة، مثل: أمراض وراثة الإنسان، وعصر الجينات والإلكترونات، وطعامنا المهندس وراثيا، وعلم الچينوم وسجن العقل، وكان يفكر في إنشاء معمل للاستنساخ الحيواني ولا يوافق على الاستنساخ البشري، أنشأ المكتبة القومية ومجمع المعامل، وهو الأديب المتنكر في صورة العالم.

 

العميد التاريخي لكلية الزراعة

وقال الدكتور أيمن يحيى، إنه بعد مرور سنوات على وفاة مستجير إلا أنه مؤثر في سلوكنا ووجودنا، فقد عاصرته وأنا طالب وهو العميد التاريخي لكلية الزراعة، فهو الوحيد الذي تولى عمادة الكلية 3 مرات متتالية عن طريق الانتخاب، وهذا يدل على أن شخصيته قوية وقادر على اتخاذ القرارات.

وأضاف: كان مستجير صاحب فلسفة وفكرة، كان قدوة نحاول أن نمشي على الطريق الذي رسمه من تعاون وحكمة، من أداء وشخصية مقنعة.

 

أبي كان شخصا استثنائيا

وقالت سلمى مستجير، ابنة العالم أحمد مستجير: أعظم الناس هم من يتركون أثرا وبصمة، وكل كلمة وكل خطوة لأبي كان يترك فيها بصمة تعيش، وأنا مازلت أشعر بهذه البصمة، اليوم أحب أن أشارككم ما الذي يجعل أبي شخصا استثنائيا، الشهر الماضي كان سيتم الـ90 عاما، وأنا لم أرث منه الموهبة الشعرية، ولكن سأحاول أن أعبر عما بداخلي تجاهه، أبي كان شخصا طيبا جدا ومتواضعا، وكل شيء يعمله بحب وفرحة ومتفائل بطبعه كان يحب مصر وأهلها، وخاصة الفلاحين، والأطفال كانوا يحبونه، وكان يجد في الطبيعة إلهامه.

وأضافت: أبي كان يعشق محمد عبد الوهاب، وكان يرى أن السعادة تأتي من العمل الذي يفعله الإنسان بشغف، ولذلك بعد 45 يوما من عمله كمهندس زراعي قرر أن يستقيل لأنه كان مطلوب منه أن يتخلى عن إنسانيته، ويتعامل مع الناس بقوة.

وبيتنا كان مليئا بالكتب من الأرض حتى السقف، وبعد وفاته تبرعنا بالكثير منها لجامعة القاهرة، وكان يقرأ ليل نهار 3 كتب و5 جرائد في يوم واحد بسبب طريقته الخاصة السريعة.

والضحك كان دائما موجودا في بيتنا، أبي كان له حس فكاهي، كان يحب عادل إمام وسعيد صالح وإسماعيل يس، ومن تلاميذه عادل إمام وصلاح السعدني.

📎 رابط مختصر للمقال: https://www.baladnews.com/?p=540

موضوعات ذات صلة

لماذا يصر الروائيون العرب على استعادة حقبة الأندلس؟

المحرر

بانتظارك غدا.. الشخصية المصرية والسرد العماني والفكر اليهودي

المحرر

أصل الأنواع .. تجريفٌ يلتهم روح المدينة والبشر

المحرر

ثلاثية غرناطة ملحمة إنسانية اهتمت بالمهمشين

المحرر

أسرار عالم الدعاية والحرب النفسية في “عقول خفية”

المحرر

وزارة الثقافة تستعد لملتقى الاقصر الدولي للتصوير

المحرر