اقتصاد وأعمال

الاقتصاد المصري بين التحديات العالمية والإصلاحات المحلية

شهد عام 2024 تطورات وأحداث عالمية متباينة أثرت على مختلف القطاعات الاقتصادية، حيث شهدت الأسواق الدولية استقرارًا في أسعار الطاقة وارتفاعًا قياسيًا في الذهب كملاذ آمن، حيث وصل سعر الأوقية 2800 دولار وسط تناقضات في السلع العالمية، وقد تعرض الاقتصاد المصري لصدمات متتالية بسبب جائحة كورونا والحرب الروسية الأوكرانية ثم العدوان الإسرائيلي على غزة، مما أثر على عائدات السياحة وقناة السويس، وبالرغم من كل تلك التحديات؛ فقد تبنت الحكومة برنامجًا شاملًا للإصلاح الهيكلي؛ لتعزيز مرونة الاقتصاد، ومواجهة الأزمات بفاعلية؛ من خلال سياسات تنموية مستدامة.

وفي هذا الصدد؛ يقول د. عبد المنعم السيد، مدير مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية، إن الاقتصاد المصري الكلي قد حقق تقدمًا ملحوظًا في عدة مؤشرات رئيسية بفضل الإصلاحات الحكومية وبرامج التنمية، إذ ارتفع معدل النمو الاقتصادي إلى 3.2% بفضل مرونة الجهاز الإنتاجي، والمبادرات الشاملة التي أدت إلى تحفيز عمليات التشغيل بمختلف القطاعات الصناعية والتجارية، وتحسين الظروف المعيشية، وذلك من خلال ضخ الدولة لاستثمارات بمختلف المحافظات بميزانية إجمالية بلغت 28 مليار جنيه، بالإضافة إلى التركيز على تقليص الفجوات التنموية وتعزيز التنمية المحلية، بما في ذلك توجيه 35% من إجمالي الاستثمارات إلى صعيد مصر. 

د. عبد المنعم السيد

وأضاف مدير مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية: كما تقدم قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في مصر بمعدل نمو بلغ 16% مسهمًا بذلك بنسبة 5.8% من الناتج المحلي الإجمالي، حيث قد جاء ذلك مصحوبًا بتطورات كبيرة في التحول الرقمي والشمول المالي، من خلال منصة “مصر الرقمية” التي تقدم 168 خدمة حكومية. 

وتابع: أما القطاع الصناعي؛ فقد ركز على توطين وتعميق الصناعات المحلية بفرص استثمارية عدة، حيث ارتفعت الصادرات بنسبة 10% في أول أربعة أشهر من العام 2024 أما في قطاع الزراعة؛ فقد تجاوزت الصادرات الزراعية 9.2 مليار دولار، مدعومةً بمشاريع التوسع الأفقي؛ كمشروع توشكى ومبادرات الأمن الغذائي، كما حققت الدولة قفزة نوعية في قطاع مشروعات الطاقة النظيفة والربط الكهربائي؛ لتحويل مصر إلى مركز إقليمي للطاقة، وأيضًا تحسنت جودة النقل على الطرق من خلال تطوير 8400 كم طرق، مما رفع من ترتيب مصر إلى المركز 18 عالميًا في مؤشر جودة الطرق، وبالنسبة للقطاع السياحي؛ فقد أظهر مرونة قوية بزيادة إيراداته إلى 14.4 مليار دولار مدعومة بمبادرات لدعم القطاع وتحسين البنية التحتية السياحية؛ كذلك ركزت الحكومة على التنمية البشرية، بتوسيع المدارس اليابانية ومدارس التكنولوجيا التطبيقية، إلى جانب زيادة استثمارات القطاع الصحي بنسبة 50%. 

تنمية مستدامة

وأشار مدير مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية، إلى أنه في قطاع الإسكان، فقد استُكملت مشاريع إسكانية كبرى، بجانب تعزيز خدمات المياه والصرف الصحي، عبر مبادرة “حياة كريمة”؛ مُستهدفةً 18 مليون مواطنًا، حيث استطاعت هذه الجهود المتكاملة للدولة من إحداث عملية خفض لمعدل التضخم إلى 26.5% في أكتوبر 2024 وتقليص البطالة إلى 6.7%، بما يعكس قدرة الاقتصاد المصري على مواجهة التحديات وتحقيق تنمية شاملة ومستدامة، مؤكدًا استمرارية الحكومة في تطبيق إصلاحات اقتصادية كلية لتعزيز الاستدامة المالية ومواجهة التحديات الاقتصادية، مشيرًا إلى أن هذه الإصلاحات قد شملت زيادة الإيرادات العامة للدولة من 975 مليار جنيه عام 2019/2020 إلى 2420 مليار جنيه في 2023/2024 مع استهداف تحقيق زيادة تنموية بنسبة 16% سنويًا حتى 2027، كما عززت الدولة الرقمنة الضريبية لتوسيع القاعدة الضريبية ودمج الاقتصاد غير الرسمي. 

ولفت مدير مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية، إلى أنه بالرغم من الضغوط العالمية؛ فقد التزمت الحكومة بزيادة مخصصات الدعم والمنح الاجتماعية التي بلغت 635.9 مليار جنيه في موازنة 2024/2025، لدعم كلاً من: السلع التموينية، ومنظومة الخبز، والإسكان الاجتماعي. 

وعلى صعيد ملف الدين العام، انخفضت نسبة الدين إلى الناتج المحلي من 96% (يونيو 2023) إلى 89.6% (يونيو 2024)، كما تقلص الدين الخارجي إلى 152.9 مليار دولار. أما بخصوص السياسات النقدية؛ فقد حرر البنك المركزي سعر الصرف في مارس 2024، حيث تم رفع أسعار الفائدة بنسبة 8% للسيطرة علي  التضخم، كما أُطلقت مبادرات مثل شهادات ادخارية دولارية ومبادرات لدعم استيراد الذهب والسيارات للمصريين بالخارج، وذلك بالإضافة إلى تقديم الدولة دعمًا للقطاعات الإنتاجية؛ كدعم الفائدة على القروض الصناعية والزراعية الذي خصصت له الحكومة 17.5 مليار جنيه

وأكمل د. عبد المنعم السيد؛ حديثه لـ(صوت البلد)، قائلاً: لقد توسع النشاط التجاري الدولي لمصر بانضمامها إلى تجمع “بريكس”، مما عزز التبادل التجاري بنسبة 15%، كما عقدت الدولة شراكات استراتيجية مع الاتحاد الأوروبي، تضمنت حزمة مالية بقيمة 7.4 مليار يورو لدعم استثمارات الطاقة النظيفة، وقد شهد ميزان المدفوعات فائضًا قياسيًا بقيمة 9.7 مليار دولار، مدعومًا بزيادة صافي الاستثمارات الأجنبية المباشرة إلى 46.1 مليار دولار، فيما تضاعفت تحويلات المصريين بالخارج لتبلغ 20.8 مليار دولار، وفي قطاع أسواق المال، فقد ارتفعت قيمة تداول السندات بنسبة 4978%، وزاد رأس المال السوقي للأسهم المقيدة بالبورصة المصرية عام 2024 بنسبة 61.46% مقارنة بالعام 2023، حيث إن كل هذه الإصلاحات قد أسهمت في تعزيز الاستقرار الاقتصادي، وتقوية الأداء المالي، وتوفير بيئة مشجعة للاستثمار والتنمية المستدامة بمصر.

وأكد مدير مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية، تحسن الاقتصاد المصري خلال عام 2024 رغم التحديات العالمية والمحلية؛ إذ نجحت الدولة في تنفيذ إصلاحات اقتصادية شاملة عززت النمو الاقتصادي بنسبة 3.2%؛ مُحققةً تقدمًا ملموسًا في قطاعات؛ مثل الصناعة والزراعة والطاقة، كما تم استثمار 28 مليار جنيه لتنمية المحافظات، وزيادة الصادرات الزراعية بنسبة 10%، إذ إن الحكومة قد ركزت على التحول الرقمي وتحسين البنية التحتية، كما ساهمت زيادة الإيرادات العامة وتقليص الدين العام في تعزيز الاستقرار المالي، وذلك مع تواصل الإصلاحات الاقتصادية، مما ساعد على خفض العجز في ميزان المدفوعات وتحفيز الاستثمارات الداخلية، حيث تسعي الدولة حاليًا لتشجيع وتمكين القطاع الخاص بهدف زيادة معدل النمو الاقتصادي.

📎 رابط مختصر للمقال: https://www.baladnews.com/?p=1197

موضوعات ذات صلة

تفعيل منظومة الرأي المسبق لدعم الممولين والمستثمرين

المحرر

الاقتصاد غير الرسمي .. ضياع للعمالة وعرقلة للتنمية

المحرر

خطة الحكومة بعد رفع دعم الخبز عن 67 فقير

المحرر

هيئة البترول مشروع جديد يحدث نقطة تحول للطاقة

المحرر

أكبر مجمع لصناعات الأغذية الزراعية بالسادات « مافي»

المحرر

إشادات دولية بوفرة النقد الأجنبي وانتعاش الجنية

المحرر