تستعد حديقتا الحيوان والأورمانحديقتا الحيوان والأورمان لفتح صفحة جديدة في تاريخهما الممتد لأكثر من قرن ونصف، عبر مشروع تطوير ضخم يعيد بتجربة مختلفة كليًا عمّا عرفه الجمهور طوال عقود، وبينما يترقب المواطنون الإعلان عن أسعار الدخول الجديدة بعد انتهاء مرحلة التطوير، تكشف التصريحات الرسمية عن ملامح مشروع يعتبره البعض «انطلاقة نحو جيل جديد من الحدائق الحضارية».

وتشير المعلومات الصادرة من الشركة المطوّرة إلى أن الزائر سيشهد نقلة نوعية في الخدمات والبنية التحتية ومسارات الحركة، مع الحفاظ على القيمة التراثية للحديقتين باعتبارهما من أبرز معالم القاهرة الجيولوجية والنباتية والتاريخية.

أسعار التذاكر

أكد المستشار محمد الحمصاني، المتحدث باسم مجلس الوزراء، أن أسعار تذاكر الدخول سيتم الإعلان عنها من جانب الشركة المشغلة في موعد لاحق، موضحًا أن الدولة حريصة على أن تكون الأسعار عادلة ومتوازنة، بما يتيح للمواطنين زيارة الحديقتين والاستفادة من التجربة الجديدة دون تحميلهم أعباء غير مبررة. وأوضح أن العقد مع الشركة المطوّرة يستهدف رفع جودة الخدمات وتطوير البنية التحتية بشكل غير مسبوق، مع الحفاظ على الطابع التاريخي والثقافي للموقعين، مشيرًا إلى أن الأسعار لن تُعلن إلا بعد الانتهاء الكامل من تجهيز المرافق والخدمات وتحديد نموذج التشغيل النهائي.

وفي أبرز ما كشفه المتحدث باسم مجلس الوزراء، أوضح أن التجربة الجديدة داخل الحديقتين ستكون مختلفة 100% عن النمط القديم، مع وجود منظومة حديثة تشمل متاجر للهدايا ونظمًا متطورة لتنظيم الحركة داخل المساحات الممتدة، بما يوفر تنقلًا أكثر سهولة بين المناطق المختلفة، وخدمات عرض وبيع حديثة، وتنسيقًا بصريًا ومعلوماتيًا يساعد الزائر على استكشاف الحديقة، إلى جانب منشآت خدمية مطوّرة لراحة الأسر والأطفال. وتعكس هذه النقلة توجه الدولة للاستفادة من التجارب العالمية في تقديم خدمات ترفيهية تتماشى مع معايير المدن الكبرى.

دمج الحديقتين 

أحد أهم محاور التطوير يتمثل في النفق الرابط بين حديقتي الحيوان والأورمان، والذي سيحوّلهما فعليًا إلى فضاء واحد مترابط، بما يجعل المشروع الجديد من أكبر الحدائق الواقعة داخل نطاق مدينة على مستوى العالم.

ومن المتوقع أن يسمح هذا الدمج بتوسيع نطاق الزيارة وزيادة مساحة التجول، وإتاحة انتقال الأسر بين الحديقتين دون مغادرة أو دخول جديد، فضلًا عن فتح المجال أمام أنشطة ثقافية وترفيهية تستغل المساحة المزدوجة. ويعد هذا التطوير خطوة استراتيجية نحو تعزيز المشهد الترفيهي والسياحي في قلب القاهرة.

إشراف أثري 

لم تهمل خطط التطوير الجانب التراثي، إذ أكد الحمصاني أن كافة أعمال الترميم تتم تحت إشراف وزارة السياحة والآثار والمجلس الأعلى للآثار، ضمانًا للحفاظ على قيمة تاريخية تمتد لأكثر من 150 عامًا. وتشمل أعمال الترميم مباني أثرية ذات طابع معماري نادر، وأشجارًا تعود إلى القرن التاسع عشر، ومسارات حجرية وتخطيطًا نباتيًا كلاسيكيًا، بالإضافة إلى إعادة تأهيل البرك والمسطحات الخضراء الأصلية. ويعكس هذا الالتزام أن المشروع لا يقتصر على الجانب الترفيهي، بل يمثل عملية إنقاذ للتراث الطبيعي والمعماري في واحدة من أهم الحدائق التاريخية بالمنطقة.

وبحسب ما قدمته الشركة المطوّرة لمجلس الوزراء، من المقرر بدء التشغيل التجريبي للحديقتين خلال العام المقبل، بما يضع المواطنين أمام تجربة جديدة بالكامل تشمل افتتاحًا تدريجيًا للمناطق المطوّرة، وتقييمًا شاملًا للخدمات الجديدة، وتلقي ملاحظات الجمهور لتحسين التجربة قبل الافتتاح الرسمي الكامل.