في إطار الدعم الذي تُقدِّمه مكتبة الإسكندرية للأنشطة الثقافية والفنية الرامية إلى تسليط الضوء على الهوية التاريخية للمدينة كملتقى للحضارات، احتضنت المكتبة معرضًا فنيًا بعنوان “الإسكندر الأكبر.. العودة إلى مصر”، يضم مجموعة من الأعمال الفنية المميزة للفنان والمهندس المعماري اليوناني ماكيس ڤارلاميس، وتتمحور جميعها حول شخصية الإسكندر الأكبر التاريخية.
فعاليات المعرض
يُقام المعرض برعاية من السفارة اليونانية في القاهرة، ووزارات الدفاع والخارجية والداخلية اليونانية، وجامعة أرسطو في ثيسالونيكي، والأكاديمية الوطنية للعلوم. ويتم تنظيمه بالتعاون المشترك بين مكتبة الإسكندرية، والمختبر التجريبي في فيرجينا، واتحاد البلديات اليونانية، والمركز الهيليني لأبحاث الحضارة السكندرية، والمتحف الفني النمساوي.
ويحتضن المعرض 53 عملًا فنيًا متنوعًا، تشمل لوحات ومنحوتات برونزية وخزفية، بالإضافة إلى نموذج “بيت بندار”، ويتوازى مع العرض عدد من الفعاليات الخاصة بالإسكندر والفترة الهلينستية، تتضمن أيضًا أنشطة تعليمية تفاعلية مخصصة للأطفال لتعريفهم بتاريخ تأسيس المدينة العريق.
شهد الافتتاح حضورًا رفيع المستوى، ضم كلًا من الفريق أحمد خالد حسن سعيد محافظ الإسكندرية، د. أحمد زايد مدير المكتبة، د. عبدالعزيز قنصوة رئيس جامعة الإسكندرية، “نيكولاوس بابا جورجيو” سفير اليونان لدى القاهرة، “يوانيس بيرجاكيس” قنصل عام اليونان في الإسكندرية، ولفيف من الشخصيات الدبلوماسية والقنصلية والأكاديمية وقيادات الجاليات الأجنبية وأساتذة الجامعات وعلماء الآثار والثقافة والفنون.

في كلمته الافتتاحية، قال محافظ الإسكندرية، إن المعرض يُمثل عودة رمزية ومهمة للإسكندر الأكبر، تلك الشخصية التاريخية الخالدة التي أثرت بعمق في مسار الحضارة الإنسانية، مشيراً إلى أن الأعمال الفنية تُجسد رسالة السلام والتفاهم والتعايش الخلّاق التي حملتها الفترة الهلينستية.
وأضاف المحافظ، أن الإسكندرية لطالما شكلت نموذجًا فريدًا للتعايش الإنساني، حيث عاشت فيها الجالية اليونانية الكبيرة وأصبحت جزءًا أصيلًا من النسيج الاجتماعي للمدينة، ما يجعل هذا المعرض انعكاسًا صادقًا لعمق هذه الروابط التاريخية والثقافية المتجذرة.

وأشار المحافظ إلى أن العلاقات المصرية اليونانية شهدت زخمًا غير مسبوق خلال السنوات الأخيرة، على المستويين الثنائي والإقليمي وفي جميع المجالات، اتساقًا مع توجيهات السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي ورؤية مصر 2030. ولفت المحافظ، إلى أن هذا الحدث الثقافي يثبت أهمية الفن والثقافة كقوى ناعمة تفتح آفاق التعاون على المستويين السياسي والاقتصادي. وثمّن المحافظ جهود جميع الجهات المنظمة للمعرض، وعلى رأسها السفارة اليونانية في القاهرة والمؤسسات العلمية والثقافية المشاركة، مشيدًا بالدور المحوري لمكتبة الإسكندرية في استضافة مثل هذه الأحداث التي تربط الأجيال الجديدة بتاريخ المدينة، ومؤكدًا دعم المحافظة الكامل لترسيخ مكانة الإسكندرية كمنارة ثقافية عالمية رائدة.

فعاليات المعرض
يُقام المعرض برعاية من السفارة اليونانية في القاهرة، ووزارات الدفاع والخارجية والداخلية اليونانية، وجامعة أرسطو في ثيسالونيكي، والأكاديمية الوطنية للعلوم. ويتم تنظيمه بالتعاون المشترك بين مكتبة الإسكندرية، والمختبر التجريبي في فيرجينا، واتحاد البلديات اليونانية، والمركز الهيليني لأبحاث الحضارة السكندرية، والمتحف الفني النمساوي.
يضم المعرض 53 عملًا فنيًا متنوعًا، تشمل لوحات ومنحوتات برونزية وخزفية، بالإضافة إلى نموذج “بيت بندار”، ويتوازى مع العرض عدد من الفعاليات الخاصة بالإسكندر والفترة الهلينستية، تتضمن أيضًا أنشطة تعليمية تفاعلية مخصصة للأطفال لتعريفهم بتاريخ تأسيس المدينة العريق.

وفي ذات السياق؛ نظمت مكتبة الإسكندرية، ندوة موسعة على هامش المعرض، حيث ناقش خبراء وباحثون الرؤى الفلسفية والتاريخية لشخصية الإسكندر الأكبر ودوره في صياغة مفهوم الوحدة الإنسانية والتعايش الحضاري في مصر القديمة، وذلك بحضور د. “كاليوبي بابا كوستا” مدير معهد الأبحاث اليونانية بالإسكندرية، د. صوفيا أفغيرينو كولونيا أستاذ التخطيط الحضري والإقليمي بالجامعة التقنية الوطنية بأثينا، د. منى حجاج أستاذ الآثار اليونانية الرومانية بكلية الآداب جامعة الإسكندرية، ود. محمد عبدالغني أستاذ الآثار اليونانية.
الإسكندر نموذجاً للسلام
أكدت د. كاليوبي بابا كوستا، مدير معهد الأبحاث اليونانية بالإسكندرية، أن الإسكندر الأكبر لم يكن مجرد قائد عسكري، بل قدم نموذجًا فريدًا للسلام من خلال فكرة توحيد الشعوب تحت مظلة حضارية واحدة. وأشارت إلى أن مدينة الإسكندرية لا تزال حتى اليوم تعبر عن “الروح الهلينستية” الأصيلة التي تمتد جذورها عبر الأجيال.
وأوضحت مدير معهد الأبحاث اليونانية بالإسكندرية، أن فكرة الوحدة الإنسانية تجسدت في الإسكندرية منذ تأسيسها واستمرت حتى بعد دفن الإسكندر على أرضها، ليصبح لقبه “الأكبر” انعكاسًا لمسار مختلف في تاريخ البشرية يجمع بين الحياة والموت، والشغف، والحقيقة والأسطورة.
ولفتت “كوستا” إلى أنه بعد انتقاله من دلتا النيل إلى ممفيس في عام 332 قبل الميلاد، أسس الإسكندر مدينة الإسكندرية، مستفيدًا من النيل تجاريًا، مع احترام عميق للثقافة المصرية، ما أوجد تمازجًا فريدًا بين الأسطورة والتاريخ واحترام الأديان. وأضافت أن اللغة اليونانية أصبحت لغة سائدة للنشاط التجاري والثقافي في هذا المجتمع متعدد الثقافات.

بطل أسطوري
من جانبها، أشارت د. منى حجاج، أستاذة الآثار اليونانية الرومانية بكلية الآداب جامعة الإسكندرية، إلى أن الإنجازات غير الطبيعية للإسكندر حولته من قائد تاريخي إلى بطل أسطوري، حيث قاد إمبراطورية كبرى امتدت من اليونان إلى مصر وبلاد فارس، جامعةً بين الواقع والأسطورة في شخصية واحدة.
وأوضح د. محمد عبدالغني، أستاذ الآثار اليونانية بالإسكندرية، أن الإسكندر نجح في إنهاء العداوة الطويلة بين اليونان والفرس عبر تأسيس إمبراطورية موحدة، ودخل مصر بسلام بعد أن رحبت به القبائل. وأكد أن الإسكندر احترم مشاعر المصريين وقدس عقيدتهم، على عكس الإدارة الفارسية التي عُرفت بعدائها للدين المحلي رغم تكيفها مع المجتمع المصري.
نقطة التقاء حضارية
وفي ختام الندوة، أكدت د. صوفيا أفغيرينو كولونيا، أستاذة التخطيط الحضري والإقليمي بالجامعة التقنية الوطنية بأثينا، أن آلاف السنين من الروابط الحضارية تجمع بين المصريين واليونانيين. وأشادت برؤية الإسكندر في بناء الإسكندرية كنقطة التقاء بين آسيا وأوروبا وإفريقيا، مشيرة إلى أن المدينة لا مثيل لها في العالم بصمودها وتعدد حضاراتها.
وأضافت أستاذة التخطيط الحضري والإقليمي بالجامعة التقنية الوطنية بأثينا، أن فكرة الثقافة العالمية انطلقت من الإسكندرية، وأن المدينة الجديدة لا تزال تحمل أفكارًا هيلينية ورؤى مستقبلية تقوم على الاستدامة وبناء المجتمعات الإقليمية، مستشهدة بنماذج ثقافية بارزة مثل الفيلسوفة هيباتيا والشاعر كفافيس.
